د أميرة البيطار تكتب.. الثقة هى جسر الحياة

يصعب معرفة ما تخفي الأنفس لكن معادن الناس تكشفها المواقف فلا تحكم على إنسان من كلامه الناس مثاليون حين يتحدثون، الحياة مليئة بالظروف والأحداث والمواقف التي من خلالها نتعرّف على معادن الآخرين ومكانتنا عندهم، والأقوال والأفعال هي التي تُحاكي أهمية هذه الثقة مع الآخرين، هي الحالة التي يكون فيها الإنسان متأكداً من كفاءة أو دقة أمر ما يتعلق به أو بشخص أو بشئ آخر، وفي حالة الأشخاص، من الممكن أن تكون تلك الثقة نوع من التأكد من ولاء هذا الشخص تجاه أشخاص آخرين أو قضايا معينة.

"فالثقة هي جسر الحياة الصحيح الذي نسير عليه " هي إيمان الإنسان بقدراته وإمكاناته وأهدافه وقراراته، أي الإيمان بذاته. الثقة بالنفس هي العمود الفقري لشخصية الإنسان، إذ بدونها يفقد الإنسان احترامه لذاته، ويصبح عرضة لانتقاد واستغلال من حوله، وبالتالي يعيش حياة بائسة. وعكس ذلك فالشخص المتمتع بالثقة في نفسه تجده محط احترام الجميع، وتكون نظرته للحياة متفائلة، عندما نثق بالآخرين، يمكننا بناء علاقات صحية ومستدامة، والمضي قدمًا في حياتنا بثقة وأمان، وأن تحظى بثقة الآخرين خير لك من أن تحظى بحبهم، فالثقة هي مؤشر قوي للعلاقات الصحية، فإذا كان لدينا ثقة في الآخرين، فسنعيش حياة مليئة بالتعاون والتواصل الصحي السليم المعافى من أمراض النفس البشرية ، ومرض العصر ألا وهو مرض القلوب، فالثقة هي علاقة اعتماد بين اثنان إن كانت الثقة لها علاقة بهما فقط دون ثالث، ولكنها قد تكون بين أكثر عندما تتشعب وتصبح على عاتق مسؤؤلية كأسرة أو كعمل أو كفريق ، فإن كانت بين شخصين فيجب أن يكون الشخص المؤتمن عليه من المفترض أن يفى بوعده، هي رمز وقيمة أخلاقية وايفاء بالوعود، الثقة تتضمن عدم الشك في اعتقاد الشخصية الجيدة، نوايا أو اخلاق الشخص الآخر، والثقة لا تتطلب أن تكون موجودة في الأشخاص ذو النوايا الحسنة فقط فإننا نرى أن الاشخاص المتورطين في الأعمال الإجرامية عادة ما يثقوا في بعضهم البعض، أيضا الثقة لا تتطلب حركة تشترك فيها أنت والشخص الآخر. الثقة هي توقع النوايا الحسنة، مبنية على معرفة المرء بالإنسان الآخر، الثقة هي كلمة عن ما هو المجهول—على سبيل المثال لانها لا يمكن التحقق منها في الوقت الحالي ولكن من الممكن رؤية نتائجها في المستقبل.

الثقة التي يريدها الله سبحانه وتعالى من عباده هي الثقة التي تحققت في أم موسى عمليا حين قال عنها: { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (من الآية:7) وهكذا ألقته في اليم ولم تخف ولم تحزن، مع أن اليم خطير على الطفل، في علم النفس الثقة هي تكاملية للتأثير الاجتماعى فهى التي تسهل التأثير أو الإقناع لشخص بالاتمئنان على شخص آخر. إن فكرة الثقة يتم تبنيها في شكل واسع على نطاق الأشخاص، والمؤسسات، على أية حال، الأمانة والإحسان والقدرة هما أشياء ضرورية من أجل الثقة، عندما يتم فقدان الثقة، عن طريق انتهاك واضح لأحد الأشياء الثلاثة، وإنه شيء صعب لإعادة اكتساب الثقة مرة أخرى، وهذا يوضح التناظر بين بناء وتدمير الثقة،ولكن لاحظ أن التصرف بشكل موثوق فيه يعتبر تأهيل للوصول إلى مرحلة الثقة، الشخص الموثوق فيه هو شخص مستحق للثقة، لذا من الأفضل ان يثق فيه الشخص ولكن إذا كان الشخص غير موثوق فيه فالأفضل عدم الثقة فيه، الثقة هي حركة تتضمن عمل تطوعى بين اثنان فيجب على الأول أن يظهر ثقته لكى يثق فيه بالضرورة الآخر وإلا لبقى الاثنان فاقدين الثقة في بعضهما البعض، أردت بعد كل هذه التوضيحات أن أتحدث على النقيض لكل ذلك لمن أعطيت له الثقة وهم لايستحقونها، وقد تكون عواقب ذلك وخيمة ، فقد تؤدي الثقة المفرطة بمهاراتنا الذاتية في قيادة حياتنا التي نبنيها مع شخص غير جدير بتلك الثقة التي منحناه إياها إلى قيادة محفوفة بالمخاطر وحوادث خطيرة، ومما يزيد الأمر سوءا أن العواقب قد تستمر طويلاً بعد التفاعل أو التواصل مع الأشخاص المتغطرسين، فمجرد التعرض لشخص متغطرس لبضع دقائق ترك أثرًا على أحكام المشاركين بعد ذلك طيلة أيام مما قد يؤدي إلى شعور بعدم الثقة في كل المحاطين به.