ثقافة الاعتذار
الإعتذار هو الصمغ الخارق في حياتنا الذي يستطيع إصلاح أي شيء ، وهو العطر الجميل الذي يحول أكثر اللحظات حماقة إلى هدية جميلة ، وهو الخُلق الذي نستطيع من خلاله كسب القلوب رغم إرتكاب الأخطاء.
وكم هو جميلٌ أن نشعر بأخطائنا بحق الآخرين، ولكن الأجمل أن نترجَم هذا الشعور لواقعٍ ملموس واعترافٍ بالخطأ، ومن ثم اعتذار مغلّف بشموخ نفسٍ أُحِيطَت بالانكسار فقط لمن اقترفنا بحقه ما لا يليق به.
والاعتذارخٌلق جميل وهو من شِيَم الكبار، وأصحاب المبادئ من أهم سماتهم الشجاعة والقدرة على الرجوع إلى الحق والاعتذار عن الخطأ.
إن الاعتذار المباشر هو أفضل وأقصر الطرق للتراضي بين الناس، وما من عيب في ذلك إذا ما شعر أحد الطرفين بأنه أخطأ في حق الآخر وسارع ليُبادِر بالأسف عما بدر منه، خاصة إذا كان في تصرفه إهانة أو تقليل من قدر الآخر، فكلمة "آسف" أو "سامحني" ليست بالصعبة أو المستحيلة، ولا تعني أن صاحبها قلّل من قدر نفسه أو قدم تنازلًا كبيرًا، كما أنها ليست انتصارًا للطرف الآخر كما يعتبرها البعض.
اقرأ أيضاً
«الوطنية للإعلام» تتقدم ببلاغ ضد صاحب فيديو السخرية من إذاعة القرآن الكريم
الجمعية النرويجية للعدالة والسلام تدين واقعة تدنيس وحرق القرآن في أوسلو
بعد تكرار إهانة القرآن.. مرصد الأزهر يطالب أوروبا بوقف الهجمات على مقدسات المسلمين
الفنانة الأمريكية "جينيفر جراوت" ترتل القرآن بطريقة تحاكي صوت المنشاويالقرآن الكريم... بقلم التميمي الحبال
مقومات سينما القرآن الكريم ..بقلم دكتور محمد حسن كاملمقومات سينما القرآن الكريم..بقلم دكتور محمد حسن كامل
من روائع سينما القرآن........بقلم دكتور محمد حسن كامل
معجزة الدم في جسم الإنسان من القرآن./27......بقلم دكتور محمد حسن كامل
أكثر قصص القرآن رعبًا قصة أصحاب السبت..آية فيها القرآن كله ....ماهي ؟...بقلم دكتور محمد حسن كامل
دنيا الألوان في أيات القرآن !!.. بقلم دكتور محمد حسن كامل
إن للاعتذار قوة سحرية، بل ربما كان الاعتذار وسيلةٌ من وسائل دفع من أمامك إلى الاعتذار. مثال على ذلك: حين تقول: "أنا آسف لأني خرجت عن شعوري وأنا أحدثك بشأن كذا...، يبدو أني بالغت بعض الشيء"، فإن رد فعل الطرف الآخر غالبًا يكون: "لا بأس، أنا أيضًا آسف فلم أكن أعرف أهمية هذا الأمر بالنسبة لك، سأكون أكثر حرصًا في المرة القادمة". فلا تتردد في الإعتذار للآخرين إذا ما دعى الأمر لذلك .
من فوائد الإعتذار استرضاء المعتذر إليه وتصفية القلوب والحفاظ على مشاعر الآخرين ويمنح الطرفين سمة التواضع و الذي يقبل الاعتذار يشجع على فعل الخير.
وأهم جانب في الإعتذارهو الحرص على عدم فتح الموضوع المتعلق بالمشكلة مرة أخرى بمجرد الإعتذار والإعتراف بالخطأ المطلوب؛ لأن إعادة فتح الموضوع مرة أخرى والمعاتبة تعيد فتح الجرح ثانيةً، ومن الممكن أن تزيد من المشكلة ولا تحلها ، و أيضا لا تقرن الإعتذار بتبرير لأن هذا يفسده.
وقدورد ذكر الإعتذار في القرآن :
(قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا) الكهف ﴿76﴾
(فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) الروم ﴿57﴾
(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الأعراف ﴿164﴾
وفيه قال الإمام علي بن أبي طلب كرم الله وجهه : الإعتــذار عنوان العقل ، والإعْتِذارُ مُنْذِرٌ نَاصِحٌ ، لَا شَافِعَ أنْجَحُ من الإعْتِذِار.
وقال جبران خليل جبران: والإعتذار لا يعني أنك على خطأ فقط، بل يعني أنك تقدّر العلاقة مع الآخرين وتمنحها أهمية كبيرة والاعتذار عن الخطأ ، لا يجرح كرامتك بل يجعلك كبيراً في نظر من أخطأت بحقه.
وقال لقمان الحكيم : إياك وكثرة الاعتذار، فإن الكذب كثيراً ما يُخالط المعاذير. وقال جورج برنارد شو:إذا كان الاعتذار ثقيلاً على نفسك ، فالإساءة ثقيلة على نفوس الآخرين أيضاً.
وقالت مرجريت ميتشل: بمجرد ما نؤجل تقديم الاعتذار يصبح الأمر أكثر صعوبة إلى أن يصير في النهاية مستحيلاً.وقال الشاعر وقد نظم بيتًا في العذر المقبول:
إِذَا اعْتَذَرَ الْجَانِي ومَحَا الْعُذْرُ ذَنْبَهُ
كَانَ الَّذِي لاَ يَقْبلُ الْعُذْرَ جَانِيًا
فعلينا جميعاً أن نتحلى بهذا الخُلق الجميل لنغلق باباً يسبب لنا الهموم والحقد والصدود وفقد العلاقات الطيبة مع الآخرين.


















