×
27 شوال 1445
5 مايو 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
أخبار المصريين بالخارج

مذكرات مهاجر مجهول (22)

المصريين بالخارج

بقلم/د.أشرف يعقوب

وجاءتني بطريق البريد الشهادة الخاصة بالحصول على الجنسية الايطالية. كان حصولي على الجنسية الإيطالية مهم جدا من الناحية البيروقراطية و يسهل لي اموراً كثيرة و يحل لي مشاكل عديدة كانت تحدث بشكل يومي. و لكنهم اخطأوا في لقبي، و هذه مشكلة عامة تحدث للمصريين عادة عند اقامتهم في بلاد اوروبا او امريكا و خاصة اذا اخذوا الجنسية. فلقبي هو يعقوب و لكننا مضطربين لكتابة الاسم الثلاثي في جواز السفر. و اسمي المكتوب في جواز سفري المصري هو أشرف علي عبد الرحمن احمد و بعدين يعقوب.

و لكن من جواز السفر المصري لا يفهم ما هو الاسم و ما هو اللقب ، و حيث انه في الاوراق الرسمية الإيطالية و الاوروبية و الامريكية عامة يكتب اللقب بعد الاسم مباشرة و لايوجد الاسم الثلاثي، اصبح اسمي في وثيقة الحصول على الجنسية الإيطالية هو أشرف و لكن اللقب كان "علي عبد الرحمن احمد يعقوب". كل ده لقب!! و كانوا يسألوني لماذا يوجد لي خمس القاب؟
و كانت مشكلة كبيرة. كل اوراقي الرسمية بهذا اللقب الطويل جدا!! و اضطررت لإصلاح هذا عن طريق المحكمة الادارية العليا في روما بعد تقديم طلب على يد محامي و انتظار سنة و نصف حتى تمت الموافقة على تعديل لقبي ليكون فقط "يعقوب". و صرفت في هذا مليون و نصف مليون ليرة، غير مصاريف السفر لروما لاستلام وثيقة التعديل و نشرها، على حسابي في الجريدة الرسمية الإيطالية.
و الحقيقة ان الخطأ بدأ في مصر. ففي رأيي ان في الجوازات المصرية يجب مراعاة توضيح ما هو الاسم و ما هو اللقب و الاستغناء عن الاسم الثلاثي لأنه مدعاة للخطأ و مشاكل لا داعي لها. ارجو ان يصل هذا للمسئولين في مصر حتى يراعي في الجوازات الجديدة و خاصة أن مصر حاليا تتطلع لتعاون دولي كبير في نهضتها الرائعة الحالية.
و حدث ايضا خطأٌ آخر ، و لا ادري لماذا حدث حتى الآن ، هو انهم كتبوا مكان ولادتي في "فينزويلا ". اقسمت لهم انني ولدت في القاهرة و ان امي لم تذهب الى فينزويلا ابدا، و لكن كان لابد من ترجمة شهادة ميلادي و تقديمها مرة اخرى للسلطات الإيطالية و الحمد لله نجحت في تصحيح هذا أيضا.
و في مراسيم ضئيلة جدا، تم اثبات جنسيتي الإيطالية امام عمدة بلدة "كاربونيرا " التي كنت اعيش فيها في ذلك الوقت، بحضور زوجتي و ابنتي سارة التي كان عمرها سنة و ثلاثة اشهر. هذا يختلف تماما عن المراسم الفخمة الضخمة التي عملت لي، مع مجموعة من خمس اشخاص آخرين ، عندما حصلت على الجنسية البريطانية.
و بعد مرور حوالي اسبوع وصلني على البيت خطاب استعداء من الجيش الايطالي!؟ ايه هو قامت حرب ولا ايه؟ سبحان الله آخذ الجنسية الايطالية و بعدها باسبوع تدخل إيطاليا حرب الله اعلم مع مين؟
و كان عليّ ان اكون في السابعة صباحا من اليوم التالي في احدى ثكنات الجيش الايطالي بالقرب من بادوفا.
و في الحافلة التي اقلتني لهذا المكان تذكرت خدمتي في جيش مصر الحبيبة. و سرحت في الزمان و المكان و الوجوه و الاصوات. سمعت من حديد هدير جنازير الدبابات و تكتكات البنادق و هبدات المدافع و اختراقات المقاتلات لحاجز الصوت على ارتفاع بسيط من الرمال.
و شممت من جديد رائحة بترول الدبابات و طبيخ مطعم صف الضباط و عبق المطهرات في الكوخ الذي كنت انام فيه.
قضيت، كطبيب مجند، خدمتي العسكرية في الكتيبة السادسة من اللواء الثاني من الفرقة ١٩ في الجيش الثالث الميداني.
اللواء الثاني، و منه كتيبتي، كان مرابطاً على مشارف مدينة السويس الجميلة و وظيفته الاساسية هي حماية مدينة السويس و المدخل الجنوبي لقناة السويس. و كان قد خدم في هذه الكتيبة نفسها ثلاثة من رؤساء مصر العزيزة. خدم فيها الرؤساء جمال عبد الناصر و انور السادات و حسني مبارك قبل ان يتحول للطيران. و كان صف الضابط المسؤول عن الشئون الإدارية فيها فخوراً بذلك جداً. كانت كتيبة مشاه ميكانيكية و هي من اقدم الكتائب في الجيش المصري.
كنت اقيم في كوخ صغير على اطراف الكتيبة و كنت طبيبها الوحيد. و كان هذا الكوخ هو محل اقامتي و أيضا العيادة و الصيدلية و كنت سعيد به. و كان في صيدليتي كل ما يلزم لطبيب في حالة الحرب و عدد كبير من عبوات جاهزة للحقن من المورفين و مضاد تسمم عضة الثعابين. و كان سلاحي دفاعي فقط كما تلزم به القوانين الدولية كوني طبيب و كان عبارة عن طبنجة ثقيلة الوزن كنت اضعها تحت مخدتي عندما انام.
و عرفت فيها ابطال حاربوا في حرب اكتوبر المجيدة. كان قد مر على هذه الحرب تسع سنوات و كان معظم من خاضوها مازالوا في الخدمة و حكوا لي عن هذه الحرب. كانت تنتاب معظمهم حالة من الافتخار و السعادة و هم يحكون لي قصتهم مع هذه الحرب.
كانت الكتيبة السادسة في النسق الثاني للعبور و عبرت قبلها الكتيبة ٢٢ كنسق اول و التي ضحت بمعظم رجالها كما فهمت منهم. وصل اللواء الثاني الى جبل المر في الضفة الشرقية و رابط هناك و حافظ على مواقعه طيلة الحرب و التي استمرت حوالي شهر كامل. و ذلك رغم الغارات المستمرة من الطيران الاسرائليي.
عرفت ان طبيب الكتيبة وقتها استشهد في الحرب ، و كنت قد اُعْلِمت من القادة انني يجب الا ابعد اكثر من ٢.٥ كيلومتر من خط قتال كتيبتي. و هذا يفسر عدد الاطباء الذين استشهدوا في حرب اكتوبر.
و قال لي احد صف الضباط الذين كنت اتناول طعامي معهم في مطعمهم ان الحرب "ممتعة". و حكوا لي ايضا انهم انتقموا من الجنود الاسرائيليين اشد انتقام خلال هذه الحرب، و انهم يتحدون الحكومة الاسرائيلية ان تعلن كم هو العدد الحقيقي لقتلاهم في حرب اكتوبر. و حكى لي احدهم انه يعرف شخصيا صف ضابط مصري ربط اربع عشرة جنديا اسرائيليا على الارض في صف واحد ثم مشى بالدبابة فوقهم. و يبدو ان الحكومات الاسرائيلية تخفي هذه الاحداث و لا تريد ان تعلنها لخوفهم من انهيار الروح المعنوية لجنودهم.
و اعتقد اننا كمصريين يجب ان نتوقف عن اعتبار انفسنا دائما ضعاف و طيبين و مظلومين و ضحايا. نحن المصريون اذا اردنا نكون في منتهى القسوة و العنف، على اعدائنا طبعاً. و قد سمعت قصص اخرى مشابه. و قد يكون من صالحنا ان تتسرب هذه القصص! فهذا يؤكد للجندي المصري قوة شكيمته و بأس غضبه و شدة شراسته اذا اراد. فالجندي المصري ليس هو من حفر قبره في حرب ١٩٥٦ قبل ان يقتله الاسرائليين، و ليس من هو استسلم بملابسه الداخلية بدون قتال في حرب ١٩٦٧. لا لقد كان الجنود المصريين في غاية الشراسة و التجبر و لم يرحموا من وقع في ايديهم من جنود العدو.
كانت الكتبية دائمة التدريب و ادينا اثناء سنة خدمتي ثلاثة مشاريع بالذخيرة الحية. و رجعت من آخر مشروع بالذخيرة الحية مع قصف حي من الطائرات في آخر يوم في خدمتي و كنت بالشدّة الثقيلة و بالخوذة و ووجهي مسود من دخان القنابل و كان ينتظرني طبيب الوحدة الجديد و قال لي مندهشاً " هو دكتور الكتيبة بيلبس كده برضه ؟. رديت عليه بابتسامة "طبعاً".
كانت ايام جميلة و احمل عنها اجمل ذكريات حياتي.
وصلت للثكنات في بادوفا و وضعونا في طابور طويل و اختاروا طوال القامة منا و ذلك لاخذهم لسلاح ال"كورَّتزييري" و هو الخاص بالتواجد في المراسم الرئاسية و حراسة الاماكن المهمة و النصب التذكارية. عملوا لنا كشف طبي شامل و تحليل دم روتيني و اعطونا وجبة غذاء باردة و بقينا حتى الثالثة بعد الظهر تقريبا و تركونا نذهب لبيوتنا و اخبرونا اننا سوف نستلم بالبريد خطاب منهم على بيوتنا.
و بعد ايام وصل لي على البيت خطاب و شهادة اعفاء من الخدمة العسكرية في الجيش الايطالي رغم نجاحي في الكشف الطبي و ذلك بسبب اني متزوج و لي ابنة. فحمدت الله كثيرا على ذلك. و بعد سنين قليلة الغوا الخدمة العسكرية الاجبارية في ايطاليا كما يحدث في معظم الدول الاوروبية في الوقت الحالي.

مذكرات مجهول مهاجر

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الأحد 11:51 مـ
27 شوال 1445 هـ 05 مايو 2024 م
مصر
الفجر 03:32
الشروق 05:09
الظهر 11:52
العصر 15:29
المغرب 18:35
العشاء 20:00